فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (4):

{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)}
وساعة تسمع (كم) فاعرف أن المسألة خرجت عن العد بحيث تستوجب أن تستفهم عنها، وهذا يدل على أمر كثير فوق العدد، لكن عندما يكون العدد قليلاً فلا يستفهم عنه، بل يعرف. والقرية اسم للمكان المعد إعداداً خاصاً لمعيشة الناس فيه. وهل القرى هي التي تهلك أم يهلك من فيها؟. أوضح الحق أنها تأتي مرة ويراد منها المكان والمكين: أو يكون المراد بالقرية أهلها، مثال ذلك قوله الحق في سورة يوسف: {وَسْئَلِ القرية التي كُنَّا فِيهَا والعير...} [يوسف: 82].
وبطبيعة الحال لن يسأل إنسان المكان أو المباني، بل يسأل أهل القرية، ولم يقل الحق: اسأل أهل القرية؛ لأن المسئول عنه هو أمر بلغ من الصدق أن المكان يشهد مع المكين، ومرة أخرى يوضح الحق أنه يدمر القرية بسكانها ومبانيها. {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا}.
وأيهما يأتي أولاً: الإهلاك أم يأتي البأس أولاً فيهلك؟. الذي يأتي أولاً هو البأس فيهلك، فمظاهر الكونيات في الأحداث لا يأتي أمرها ارتجالاً، وإنما أمرها مسبق أزلاً، وكأن الحق يقول هنا: وكم من قرية حكمنا أن نهلكها فجاءها بأسنا ليتحقق ما قلناه أزلاً، أي أن تأتي الأحداث على وفق المرادات؛ حتى ولو كان هناك اختيار للذي يتكلم عنه الحق.
ونعلم أن القرية هي المكان، وعلى ذلك فليس لها اختيار. وإن كان لمن يتحدث عنه الله حق الاختيار، فسبحانه يعلم أزلاً أنه سيفعل ما يتحدث عنه سبحانه. ويأتي به في قرآن يتلى؛ ليأتي السلوك موافقاً ما أخبر به الله. {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} [الأعراف: 4].
والبأس هو القوة التي ترد ولا تقهر، و(بيتاً) أي بالليل، {أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} أي في القيلولة. ولماذا يأتي البأس في البيات أو في القيلولة؟. ونجد في خبر عمّن أَهْلِكُوا مثل قوم لوط أنّه حدث لهم الهلاك بالليل، وقوم شعيب حدث لهم الهلاك في القيلولة، والبيات والقيلولة هما وقت الاسترخاء ووقت الراحة وتفاجئهم الأحداث فلا يستطيعون أن يستعدوا. {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين} [الصافات: 177].
أي يأتيهم الدمار في وقت هم نائمون فيه، ولا قوة لهم لمواجهة البأس. {... فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} [الأعراف: 4].
وإذا قال سبحانه: {بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} فيصح أن لهذه القرية امتدادات، ووقت القيلولة عند جماعة يختلف عن وقت من يسكن امتداد القرية، فيكون الوقت عندهم ليلاً، والقيلولة هي الوقت الذي ينامون فيه ظهراً للاسترخاء والراحة. ولكن كيف استقبلوا ساعة مجيء البأس الذي سيهلكهم؟.
ويقول الحق سبحانه: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ...}.

.تفسير الآية رقم (5):

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)}
بهذا القول اتضحت المسألة، ومن قوله {دَعْوَاهُمْ} نفهم أن المسألة ادعاء. ونحن نقول: فلان ادّعى دعوى على فلان، فإما أن يقيم بينة ليثبت دعواه، وإما ألاّ يقيم.
والدعوى تطلق أيضاً على الدعاء: {... وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [يونس: 10].
وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قالوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف: 5].
ويشرح ربنا هذا الأمر في آيات كثيرة، إنه اعتراف منهم باقترافهم الظلم وقيامهم عليه، فسبحانه القائل: {وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير فاعترفوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير} [الملك: 10-11].
ويقول الحق بعد ذلك: {فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ...}.

.تفسير الآية رقم (6):

{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)}
والحق يسأل الرسل بعد أن يجمعهم عن مدى تصديق أقوامهم لهم، والسؤال إنما يأتي للإِِقرار، ومسألة السؤال وردت في القرآن بأساليب ظاهر أمرها أنها متعارضة، والحقيقة أن جهاتها منفكة، وهذا ما جعل خصوم القرآن يدعون أن القرآن فيه تضارب. فالحق سبحانه يقول: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ} [المؤمنون: 101].
ويقول سبحانه أيضاً {وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً} [المعارج: 10].
ويقول جل وعلا: {... وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون} [القصص: 78].
ويقول سبحانه وتعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} [الرحمن: 39].
ثم يقول هنا: {فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين} [الأعراف: 6].
وهذا ما يجعل بعض المستشرقين يندفعون إلى محاولة إظهار أن بالقرآن- والعياذ بالله- متناقضات. ونقول لكل منهم: أنت تأخذ القرآن بغير ملكة البيان في اللغة، ولو أنك نظرت إلى أن القرآن قد استقبله قوم لسانهم عربي، وهم باقون على كفرهم فلا يمكن أن يقال إنهم كانوا يجاملون، ولو أنهم وجدوا هذا التناقض، أما كانوا يستطيعون أن يردوا دعوى محمد فيقولوا: أيكون القرآن معجزا وهو متعارض؟! لكن الكفار لم يقولوها، مما يدل على أن ملكاتهم استقبلت القرآن بما يريده قائل القرآن. وفي أعرافنا نورد السؤال مرتين؛ فمرة يسأل التلميذ أستاذه ليعلم، ومرة يسأل الأستاذ تلميذه ليقرر.
إذن فالسؤال يأتي لشيئين اثنين: إما أن تسأل لتتعلم، وهذا هو الاستفهام، وإما أن تسأل لتقرر حتى تصبح الحجة ألزم للمسئول، فإذا كان الله سيسأله، أي يسأله سؤال إقرار ليكون أبلغ في الاحتجاج عليه، وبعد ذلك يقولون: {وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير فاعترفوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير} [الملك: 10-11].
وهذا اعتراف وإقرار منهم وهما سيدا الأدلة؛ لأن كلام المقابل إنما يكون شهادة، ولكن كلام المقر هو إقرار اعتراف.
إذن إذا ورد إثبات السؤال فإنه سؤال التقرير من الله لتكون شهادة منهم على أنفسهم، وهذا دليل أبلغ للحجة وقطع للسبل على الإِنكار. فإما أن يقر الإِنسان، وإن لم يقر فستقول أبعاضه؛ لأن الإِرادة انفكت عنها، ولم يعد للإِنسان قهر عليها، مصداقاً لقوله الحق: {وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ...} [فصلت: 21].
والحق هنا يقول: {فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين}.
وهو سؤال للإِقرار. قال الله عنه: {يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ...} [المائدة: 109].
وحين يسأل الحق المرسلين، وهم قد أدوا رسالتهم فيكون ذلك تقريعاً للمرسَل إليهم.
ويقول الحق بعد ذلك: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ...}.

.تفسير الآية رقم (7):

{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)}
أي سيخبرهم بكل ما عملوا في لحظة الحساب؛ لأنه سبحانه لم يغب يوماً عن أي من خلقه؛ لذلك قال: {وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ}، ونعلم أن الخلق متكرر الذوات، متكرر الأحداث، متكرر المواقع، هم ذوات كثيرة، وكل ذات لها حدث، وكل ذات لها مكان. فإذا قال الحق للجميع: {وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} أي أنه مع الجميع، ومادام ليس بغائب عن حدث، ولا عن فاعل حدث، ولا عن مكان حدث، وهؤلاء متعددون. إذن هو في كل زمان وفي كل مكان.
وإن قلت كيف يكون هنا وهناك؟ أقول: خذ ذلك في إطار قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ومثل هذه المعاني في الغيبيات لا يمكن أن تحكمها هذه الصور. والأمر سبق أن قلناه حين تحدثنا عن مجيء الله؛ فله طلاقة القدرة وليس كمثله شيء، وما كان غائباً في حدث أو مكان.
ويقول الحق بعد ذلك: {والوزن يَوْمَئِذٍ...}.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)}
في هذه الآيات نجد الحديث عن الوزن للأعمال، وهذا كله تأكيد للحجة عليهم؛ فالله لا يظلم أحداً، وفي وزن الأعمال إبطال للحجة من الذين يخافون النار، ولم يؤدوا حقوق الله في الدنيا، وكل ذلك ليؤكد الحجة، ويظهر الإنصاف ويقطع العذر، وهنا قول كريم يقول فيه الحق سبحانه: {وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة...} [الأنبياء: 47].
هذه الموازين هي عين العدل، وليست مجرد موازين عادلة، بل تبلغ دقة موازين اليوم الآخر أنها هي عدل في ذاتها. وهنا يقول الحق: {والوزن يَوْمَئِذٍ الحق}. نعم، الميزان في هذا اليوم حق ودقيق، لنذكر انه قال من قبل: {مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بالسيئة فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160].
والميزان الحق هو الذي قامت عليه عدالة الكون كله، وكل شيء فيه موزون، وسبحانه هو الذي يضع المقادير على قدر الحكمة والإِتقان والدقة التي يؤدي بها كل كائن المطلوبَ منه، ولذلك يقوله سبحانه: {والسمآء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان} [الرحمن: 7].
ولم نر السماء قذفت وألقت علينا أحداثاً غير متوقعة منها، فالكون له نظام دقيق. والوزن في يوم القيامة هو مطلق الحق، ففي هذا اليوم تبطل موازين الأرض التي كانت تعاني إما خللاً في الآلة التي يوزن بها، وإمّا خللاً في الوزن، وإمّا أن تتأثر بأحداث الكون، وما يجري فيه من تفاعلات، أما ميزان السماء فلا دخل لأحد به ولا يتأثر إلا بقيمة ما عمل الإِنسان، وساعة يقول سبحانه: {والوزن يَوْمَئِذٍ الحق}.
فكأن الميزان في الدنيا يمكن أن يحصل فيه خلل، وكذلك المِلْك أيضاً؛ لأنه سبحانه أعطى أسباباً للملك المناسب لكل إنسان، فهذا يملك كذا، والثاني يملك كذا، والثالث يملك كذا، وبعد ذلك يتصرف كل إنسان في هذا الملك إن عدلاً، وإن ظلماً على ضوء الاختيار. لكن حين يأتي اليوم الآخر فلا ملك لأحد: {... لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: 16].
فالأمر حينئذ يكون كله لله وحده، فإن كان الملك في الدينا قد استخلف فيه الحق عباده، فهذه الولاية تنتهي في اليوم الآخر: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ المفلحون}.
وسبحانه هو القائل: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6-11].
إذن فالميزان يثقل بالحسنات، ويخف بالسيئات، ونلحظ أن القسمة العقلية لإِيجاد ميزان ووزان وموزون تقتضي ثلاثة أشياء: أن تثقل كفة، وتخف الأخرى، أو أن يتساويا، ولكن هذه الحال غير موجودة هنا. ويتحدث الحق عن الذين تخف موازينهم فيقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ...}.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)}
والسورة السابقة جاء فيها بالحالتين، وفي هذه السورة أيضاً جاء بالحالتين، ومن العجيب أن هذا الكلام عن الثقل والخفة وعدم وجود الحالة الثالثة وهي حالة تساوي الكفتين يأتي في أول سورة الأعراف، ولكنه- سبحانه يقول بعد ذلك في سورة الأعراف: {وَعَلَى الأعراف رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ}.
وهؤلاء هم الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم، وقد جعل لهم ربنا مكاناً يشبه عرف الفرس، وعرف الفرس يعتبر أعلى شيء فيه، فحينا يأتي شعر الفرس يميناً، وحينا يأتي شعر الفرس يساراً، وليس هناك جهة أولى بالشعر من الأخرى. وقد أعد الحق لأصحاب الأعراف مكاناً يسمعون فيه أصحاب النار وهم ينادون أصحاب الجنة، وأصحاب الجنة وهم ينادون أصحاب النار، وأصحاب الأعراف يجلسون؛ لا هم في الجنة ولا هم في النار، فهم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وبذلك صحت القسمة العقلية في قول الحق سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الأعراف رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: 46].
فلا الحسنات ثقلت ليدخلوا الجنة، ولا السيئات خفت ليدخلوا النار، فميزانهم تساوت فيه الكفتان. وقال بعض العلماء عن الميزان؛ إن هناك ميزاناً بالفعل. وقال البعض إن المراد بالميزان هو العدالة المطلقة التي أقامها العادل الأعلى، والأعجب أن الحق قال: إن هناك موازين، فهل لكل واحد ميزان أو لكل عمل من أعمال التكليفات ميزان: ميزان العقائد، وميزان الأحكام.. إلخ، وهل سيحاسبنا ربنا تباعاً. أو أن هناك موازين متعددة، بدليل أن سيدنا الإِمام عليًّا عندما سألوه: أيحاسب الله خلقه جميعاً في وقت واحد؟ فقال: وأي عجب في هذا؟ أليس هو رازقهم في وقت واحد؟ إذن فالميزان بالنسبة لله مسألة سهلة جدًّا. وهيّنة فسبحانه لا يتأبى عليه شيء. {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الذين خسروا أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ} [الأعراف: 9].
نعم هم قد خسروا أنفسهم فكل منهم كان يأخذ شهوات ويرتكب سيئات يمتع بها نفسه، ويأتي اليوم الآخر ليجد نفسه قد خسر كل شيء، وكما يقول المثل العام: خسر الجلد والسقط. لماذا؟ تأتي الإِجابة من الحق: {... بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ}.
ويقول سبحانه بعد ذلك: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي...}.